يُذكر في مقولة شهيرة أن: "الأم تلم"، و كل أم لها طريقتها الخاصة في اللّم، أمّا أمي فهي ماهرة في جمعنا على المائدة حول أطباقها الشهيّة، الطعم اللذيذ كان بديهيًا، حتى بدأت أتعرف على طعام الموائد الأخرى، حين لاحظت الفرق سألتها عن سر الإتقان، أخبرتني أن العائلة كانت دافعها الأوّل نحو تحضير الطعام، ثم إنها تُحب أن ترى البسمة على وجه كل إنسان.
كلماتها علقت في ذهني، طعام و ابتسام، إذا كانت العائلة هي الدافع لأمي؛ فإنّ دافعي هو أن يصبح العالم قادرًا على الابتسام، بالنسبة لأمي الطبخ تحدي و متعة، تقوم بتجربة الوصفات المختلفة، تدونها و تحفظها، و تتفنن بتزيينها أحيانًا أخرى، تشعر بالفخر حين تنتفخ و تؤكل، و تُحبط حين تُحرق أو تتكتّل، ومع ذلك لم تستسلم، بل حتى أنها كانت تعلم، أنّ طريقها طويل جدًا.
تملُّ أمي من تكرار الوصفة نفسها كل مرة، و لذلك تقدّر التجربة، و لا تتقيد بالملعقة، تضيف المقادير بعين قلبها، تعلّمت وصفاتها من أمها، فضول أمي و شغفها هو دليلها، تقتني الكتب تارة و تحتفظ بوصفات المجلات تارةً أخرى، مذكرات وصفة أمي هي إرث بالنسبة لي، و لأن الكُتب قد تتفتت و تتشقق و تندثر غير تاركة لنا أثر؛ أقوم بتخليد وصفتها المفضلة في جلوتن، لعلها تحظى بتفضيل باقي البشر.
لطالما اعتقدت أن من حق الوصفات الخلود، على اللذة أن تتخطى الحدود، و أن تصلكم مقاديرًا و شعورًا، و أن تسود.
Comments